11 أكتوبر 2008

(كفاحي) : عش الدبابير/ حكاية محتسب: الجزء الثاني

الحمد لله الذي رفع المحتسبين على المخذلين , ونصر رجال الهيئة على الليبراليين , وبرأ القاتلين من المقتولين ثم أما بعد فقد دعا علينا ثلة ممن أزاغ الله قلوبهم عن دروب الهداية , فشلت أيدينا الأسبوع الماضي , فلم نستطع أن نفي بما وعدنا به أخواننا في الله , من إنزال الجزء الثاني في موعده , فاتصلت على الشيخ أبي يارا حفظه الله , وطلبت منه الرقية , فرقاني اسبوعين كاملين , فشفيت كأنني نشطت من عقال , وحصنني حفظه الله برقية خاصة قال لي أنها بمثابة برنامج (الانتي فايرس) فلا يضرك دعاء بعد اليوم من المارقين عن السنة , الشاطحين نحو البدعة , فجزى الله شيخنا ابي يارا كل خير , وجعل ما نفث في موازين أعماله .علماً أن أخونا في الله أبي يارا , يستقبل الناس للرقية يومي السبت والأحد كفاحي - حكاية محتسب- الجزء الأول ( في البدء كانت التوبة ) يمضي المحتسب بأمر الله أبي المقداد الزيلعي الخزاعي بسرد تجربته في كتابه (كفاحي) ص132 فصل (في عش الدبابير) فيقول فك الله أسره :" فدلفتُ بوابة الهيئة فتلقتني نسائم الأيمان وعبق السنة ورائحة (صنان) المحتسبين الممتزجة بدهن العود فتلقاني أحد الأخوة يقال له : ابو العيناء الليثي (مولاهم) وينادونه بـ (سنوكا )المداهمات لشدة في بأسه , وروح قتالية في طلعات المداهمة , قَتَل بضع عشرة من الفُسَّاق في طلعات متفرقة بلا سلاح , حتى أنه خنق أحدهم بلحيته حتى الموت , وفقأ عين أحدهم بمسواكه ,وما أن رأني أبوالعيناء حتى فغر فاه وقال لي : ألك مسألة ؟ فأعطيته كتاب الشيخ فتكهرب جسمه وقال وهو يرتعش : حيا هلا بالراسل والمرسول أهلا بك في دار المرابطين في ثغور الأعراض , تعال معي أخي في الله إلى شيخنا ورئيسنا وقرة أعيننا أبي عكرمة بن غيث .فأخذني أبو العيناء إلى (معالي الريس) لأسلمه كتابي هذا , فمررنا بطريقنا بصفة يتعالى منها الصياح والعويل فقلت ماهذا يرحمك الجبار ؟ قال إنها صفة التعازير يحبس فيها الفساق الذين تقبض عليهم جحافل جموس الهيئة فيشبعون ضرباً بالجريد والنعال لتجهيزهم للتحقيق معهم , فيفرز الرجال على حده في خوان خاص – منعاً للاختلاط - أما النساء فيرحلن إلى ديوان النكاح للستر عليهن كما هو متبع والله المستعان ."يقول ابو المقداد عن دهاليز الهيئة :" يغشاك شعور في تجوالك داخل دهاليز الهيئة أنك وسط خلية من الدبابير الملتحية , والملابس المقنزعة , والسيقان الضخمة المعشوشبة وكأنها جذوع نخيل , وهالني أمر لحاهم التي لا تكاد ترى لحيتين متشابهتين , وقد أخبرني ابو العيناء أن الأخوة في (دار الحسبة ) يرون جواز التفنن في خلق ستايلات جديدة في (تسريح) لحاهم آخذين بفتوى شيخ اللوك الإسلامي محمد العريفي في جواز (استشوار اللحية) وقد توسع الإخوة في تلك الفتوى حتى خلقت ستايلات وصرعات جديدة فهناك (لحية المداهمة) حيث يربط العضو لحيته خلف رقبته أثناء المداهمة حتى لا تعيقه أثناء المداهمات وتمنعه من (الوكز) و(اللكم) و(إخراج ما في الجماجم )وخصوصاً في حالات المداهمات الدامية , إذ أن كثيراً من المقبوض عليهم , يتشبثون بلحى أعضاء الهيئة فينتفونها والعياذ بالله , فأجيز لهم ما لم يجز لغيرهم , كما أن هناك (لحية صفير قرن المنازل) و ( لحية أنين الوطء) إضافة إلى (لحية مداهمون بلا حدود) حتى أن مصممي اللوك في لبنان أسلم منهم ما لا يحصى بسبب انبهارهم بالإبداع الحسبوي في خلق الستايلات والتفنن في التسريحات وكما قال أحدهم عندما نظر إلى أحد رجال الهيئة (يخرب بيته شو كتير مزوء ) أو كما قال عليه لعائن الله .ثم رأيت خوانا تجمهر حوله كتل بشرية فقلت يا أبا العيناء ما هذا يرحمك الله قال : هذه صفة الأنصار (كتيبة المتعاونين) يشاركون أخوانهم في الاحتساب وهم ممن من الله عليهم بالتوبة من أرباب السجون وهم يشاركون الآن في ورشة عمل عن (الطرق الخفية للقتل ) تحت عنوان (أوَّي ألبك ) نسأل الله لهم الثبات حتى الممات "يقول أبا المقداد:"فمررنا بسرادق كتب على بابها ( الفيالق الالكترونية) فنظرت إلى أبي العيناء فقلت له : وما ذاك يرحمك المذل ؟ قال أنهم محتسبة الانترنت , لعلك تلقي عليهم نظرة تقوي عزيمتك , وتشد من أزرك , وتعلم أن الحسبة ستبلغ ما بلغ الليل والنهار, ولن تترك الهيئة بيت مدر ولا وبر إلا وفيه فاجعة , بعز عزيز أو بذل ذليل , عزاً يعز الله به الإسلام , وذلاً يذل الله به الكفر والعلمنة , فدخلنا فعرفني بهم بأسمائهم المستعارة التي يجاهدون بها قائلاً :هذا أخونا في الله (أسد الشريعة ) وهذا المجاهد (تنين العقيدة ) وهذا (ديناصور الحشمة ) نسأل الله لهم الثبات , فدعونا لهم وانصرفنا .ثم دخلتُ على (الريس الشيخ) وهو ممتطي صهوة كرسي ضخم , وقد تسربل منه وهج الصالحين , وسمت المحتسبين , تغشاه غمامة من الحمق والعته , وقد فغر فاه لغير ما سبب -كعادته رحمه الله - وكان تقياً نقياً ورعاً , إذا عَزَبَ عليه شيء فزع إلى النكاح يرحمه الله, واصطف حوله لفيفٌ من الأخوة , أحاطوا به كالغربان , فانطلق إليه ابو العيناء , وقبَّل رأسه ولثم يده , وعرفني إليه وقال : يا شيخ أنه أخونا في الله أبا المقداد هَجَرَ الحشيش والشيشة وأقبل على الحسبة يرجو الله والدار الآخرة , بعثه (الشيخ ) وطلب أن نحسن وفادته , فرحب بي معالي الريس أبي عكرمة بن غيث, تراحيب التائبين وقرأ الكتاب وهو يقول (لبيك يا شيخ وسعديك ) فأجلسني أمامه و (نَصَبَ) مسواكاً كان بيده وقال:أناكح أنت ؟ فقلت ليس بعد يا شيخ فقد انقطعت بنا المأونة ولم أقدر على نفقة النكاحفهرش الشيخ كومة الشعر المتناثرة في كل مكان في وجهه وقال يا حنظلة ( وكان حنضلة آمر النكاح) ما صنع الله بسمحة بنت هذيل (أشجان سابقاً) التي قبضنا عليها البارحة بجريرة ارتداء البنطال ؟قال حفظك الله ياشيخ لقد وجهتم بأن توهب إلى معالي نائبكم , أبي ضرار بن هويملفهمهم بنعم نعم ثم قال : وتلك الفتاة الشقراء التي قبضنا عليها بسوق كذا وكذا ؟فحمَّر وجه حنظلة وقال بصوت لم أكد اسمعه : ياشيخ الله يحفظك انتم وجهتم أن نحبسها لكم حتى تنتهي عدة زوجتكم الرابعة التي طلقتموها حتى يجوز لك نكاحها , حفظك الله وزادك فحولة على فحولتك , تستر بها نساء المسلمين , و زادك من فضله وأمدك من قوته .فشاص الشيخ فاه بسواكه وقال : إذاً أنكحوه تلك الجارية التي قُبض عليها اليوم في خلوة في الليموزين , وليكن مهرها سترها , وتلفنوا على الشيخة رقية بنت محراب , فلتصلح من شأنها وتجهزها لبعلها , فالستر مطلب شرعي نسأل الله لنا ولكم الستر في الدنيا والآخرة . فما أن هممنا بالخروج من مكتب (معاليه )حتى دخل علينا (المُخَذل بأمر الله ) مدير العلاقات العامة , وقال يا شيخاه الغوث , الغوث , ففزع الشيخ وقال ما وراءك يا مُخذَّل ؟ هل مُخش أحدٌ من رجال الحسبة ؟ قال : لا ولله الحمد ولكن أحد رجالنا قتل امرأة وهو يقبض عليها ؟ فتنفس أبي عكرمة الصعداء وقال الحمد لله ثم التفت إلينا وهو يقول : ( خذو عني , خذو عني , والله لإزهاق أربعين نفساً معصومة أهون عند الله من مَخْشُ محتسب )ثم قال لمخذل بن جروان : أحكي لنا ما حدث يرحمك المنتقم قال : اتصل بي أحد أسودنا ليلة البارحة وقال : قد رقيت امرأة أصيبت بمس من الجن , فنطق ما بها من جان , وقالوا إننا قبيلة من الجن يقال لها الدناهشة (من الأبالسة يرجع نسبهم إلى أبليس ) وقد سلطتنا على هذه المرأة ساحرة في مكان كذا وكذا , تعمل السحر والشعوذة وربط العقد , وقد وطء تلك الساحرة غير واحد منا في ليال حمراء , وقد فتحت بيتها للدعارة للجن ؛ تسقيهم من الخمر , وتضاجعهم والعياذ بالله , وقد مكنها الجن من أن تطير بمكنسة حتى أنها تذهب إلى دوامها كل يوم بمكنسة تطير بها من بيتها إلى مدرستها التي تدرس بها بنات المسلمين , فقامت وحدة (الننجا) بالهيئة (تعريب التدخل السريع ) باقتحام وكرها , فوجدوا حفلة جان مختلطة , ولهم فحيح , فقال عضو الهيئة الأخ : جبل أبي قبيس (سمي بذلك لعظم جسمه والله إني لأجد راحة الخرش (وكان رحمه الله متخصص فيه , يجد رائحته على بعد ستين فرسخاً) واسمع فحيح الجان , إنها حفلة جان ماجنة تقيمها هذه الداعرة للجان , فنظر أخونا في الله جبل أبي قبيس فوجد عظاما على الأرض فصرخ قائلاً : والدليل (آلوووله) وأشار إلى عظام كانت متناثرة على الأرض وقال : (وهذه مزتهم قاتلهم الله ) فاقتحمنا المطبخ فوجدنا مكنستين فتلمسناهما فوجدناهما ساخنتين من أثر الطيران , فحرَّزناهما وقرأنا عليهما , ونقعناهما بشيء من سعابيلنا لإبطال سحرهما , فما أن سمعت تلك المرأة بتلك الحجج الدامغة حتى انتابها موجة مسعورة من الضحك , وقالت والله لا أخالكم إلا محششين ورب الكعبة فما ان سمعها أخونا في الله جبل أبي قبيس حتى أصابته (صرعة الاحتساب ) حتى لم يعد يألو على شيء , فانتصر لله وللحسبة والمحتسبين , ووكزها وكزة جابت أجلها والله الحمد والمنة , فقامت قائمة بن علمن واتصلوا بسفاراتهم ومنظماتهم ا لمشبوهة زاعمين أننا قتلناها وهي – والله أعلم – ماتت من الخوف لا من وكزة أخونا في الله جبل أبي قبيس , فما العمل يحفظك المُهيمن ؟فغرس الشيخ لحيته في كرشته المستديرة , ثم التفت إلى المخذل ورمقه من خلال نظارتيه الشبيهة بساعة إستاد الملك فهد , بنظرة من نظرات نتشه وقال : صدق جبل أبي قبيس وكذبت المرأة , خَذَّل عنا يا بن جردان ما استطعت والله الله ان تؤتى الهيئة من قبلك , ولا تنسى أنك في معركة يجوز فيها الكذب كما ورد في الصحيحين من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط , الذي لا أخالك تجهله - حفظك الخافض الرافع- وأهلك كل علماني وليبرالي وقطع عنهم الأكسجين وثاني أكسيد الكربون و (قطعهم) من ملاذاتهم وخمورهم قطعةً لا انفراج بعدها , فأمن الحاضرون وانصرف المخذل بن جردان وهو يكرر سمعنا وأطعنا , سمعنا واطعنا ثم قال الريس لأبي العيناء الليثي (مولاهم) يا سنوكا خذ أخاك أبي المقداد إلى الشيخ (خرتيت الجُحفة) فليعلمه الصنعة , وليستوصي به خيراً , فإني أرى بين يدي مشروع قاتل في سبيل الله, وليث من ليوث الحسبة , لا ترهبه أقلام العلمانيين , ولا صحافة الليبراليين , وأرى الدماء تتراقص بين عينيه , وأسأل الله أن يفتح على يديه .يقول أبا المقداد :"ولم أكن أعلم يومئذ عن أمر شيخي وقرة عيني خرتيت الجحفة شيئاً , ولم تبلغني كراماته ومغامراته في ساحات الوغى , ولم أعلم عنه سوى أنه كان ضحية لتجربة استنساخ (خرتيت ) فاشلة لكنها أخرجت لنا منتجاً حسبوياً يقال له ( خرتيت الجحفة) .
يتبع في الحلقة القادمة ( كفاحي – حكاية محتسب-الجزء الثالث ( في أحضان خرتيت الجحفة )
كتبه بعد الفراغ من صلاة التهجد الفقير إلى رضوان ربه حثالة الصالحين وبيرق القامعين بأمر الله الحجة الثبت الإمام الشيخ / مساعد البقمي – صامطه في أربع وعشرين ليلة خلت من شهر الله أبريل لعام ثمانية بعد الألف الثانية من ميلاد نبي الله عيسى عليهالصلاة والسلام
مع الاعتذار للكاتب المبدع عبد الله بن بخيت

(كفاحي) حكاية محتسب -الجزء الأول

أبو المقداد الزيلعي (وهو بطن من بطون خُزَاعة) الاسم الفني لأحد أسود الحسبة , وحصنٌ من حصون الفضيلة , في بلاد الحرمين , أسر بعد عملية جهادية (نوعية) في غزوة مباركة , أطلق عليها الاسم الحركي ( ما بَعْدَ بَعْدَ صقليه) وجرت في حي (الدخل المحدود ) وأسفرت تلك الغزوة عن مقتل أحد المقبوض عليهم , بعد أن أوسعه (هزبر بني زيلع) ضرباً بيده حتى خلع عينه من لغاليغها , غيرةً لدين الله ولمحارم المسلمين , وقد جُرح في تلك ( الطلعة ) بعض رجال الحسبة , ولا زال أخانا أبا المقداد أسيراً نسأل الله أن يفرج عنه , ولبلائه البلاء الحسن في تلك الغزوة ,سميت تلك السرية باسمه ( سرية أبي المقداد الزيلعي الخزاعي ) .وأبا المقداد – واسمه الحقيقي (طَلَقْ بن معيض ) حكاية كفاح وأسطورة من الأساطير, مَن الله عليه بالهداية و الانعتاق من ظلمات الفسق والفجور , إلى رحاب الإيمان والصحوة والجهاد , يحكي لنا قصة عودته إلى الله , في كتابه الجديد (كفاحي) ( تحت الطبع) فيقول :" لما خرجتُ من السجن , بعد انتهاء فترة عقوبتي بترويج المخدرات , أخذت أبحث عن رفقاء السوء السابقين , فذهبت إلى وكرهم في أحد مقاهي المعسل, فإذا بهم قد تجمعوا تغشاهم المعصية , وتضللهم سحائب الفجور , والعياذ بالله , فجلسنا وما منا إلا مُشَيْشٌ أو مُعَسل , ولم نفق من سكرة المعصية , إلا على طرقات خفيفة على باب الوكر, وإذا بصوت رخيم يقرأنا السلام , فرددنا عليه بعنف وقلنا : ما لذي جاء بك الساعة ؟ فأطل برأسه من خلال الباب , فإذا بكومة من الشعر في جوفها شفتان , فقال : أتسمحون لي بهُنيئة إخوتي في الله ؟ فقلنا إليك عنا أيها الجُرذ القذر , فأخذنا نرميه بالحجارة , وهو يقول : اللهم أغفر لهم فإنهم لا يعلمون , فجلس قريبٌ منا , فتعجبنا أن حجارتنا لا تصل إليه , بل ترتد علينا , فما أن رأى الدهشة تعلو وجوهنا قال : لا عليكم إنه أحد الملائكة يقال له (منجنيق) متخصص في الدفاع عن الدعاة إلى الله , فأخذ يتكلم ويحدثنا ويخوفنا بالله , فأخذنا نغلق آذاننا ونصرف وجوهنا عنه , من دمامة في وجهه , فما هي إلا لحيظات حتى مسخ الله وجهه في أعيننا وجه هيفاء وهبي , فأشرقت أساريرنا فبدأنا نستمع إليه , حيث كان يتحدث عن ( تكنيك الاستجمار) فما أن فرغ حتى قال :يا أبنائي سأحكي لكم قصة ( حقيقية ) لعل الله أن ينفع بها , حيث كنتُ ذات ليلة من ليالي الله المباركة , أزور ميتاً في أحد المقابر فوجدت رائحة معسل تفاحتين , تفوح من المكان فتعجبت ؛ فالمكان (مقبرة) والرائحة رائحة (الشلال) التي أعرفها حق المعرفة , فقلت في نفسي : لعله أحد العمال يلوذ في هذا المكان يؤذي الأموات بهذا الرجس , فأخذت أتتبع الرائحة , فإذا هي تنبعث من أحد القبور ثم سمعتُ صراخاَ متقطعاً يصدر من القبر , فاتصلت بأحد المشائخ , وحكيت له ما رأيت واستفتيته بأن يجيز لي نبش القبر فقال لي : إذا كان في سبيل الدعوة إلى الله ففعل ولا حرج إنشاء الله , فطفقت انبش ذلك القبر فإذا بشاب من أعماركم , وقد التف حول رقبته ( لي ) معسل , طوله سبعون ذراعاً في السماء, وبجانبه كائن غريب فما أن برقت فيه فإذا هو صاحبنا الشجاع الأقرع (ما غيره ) له بضع وسبعون ذيلاً وقد مُسخ على شكل ( شيشة كبيرة) وله فحيح يسمع على بعد ثلاثٌ وسبعون فرسخاً , وأخذ ينهش صاحب الجثة من شفتيه , ثم نظر إلي الشجاع الأقرع وقال : هلك المشيشون .... هلك المشيشون ... هلك المشيشون , قال الشيخ : ولا أعلم هل قال المشيشون أم المعسلون ... ثم أكمل الشيخ حكايته فقال : فسألت عن ذلك الشاب فقيل لي إنه كان يدخن , وفي أحيان يعسل , وقد نوى يوماً أن يجرنك , فانتشرت تلك الحكاية , حتى سمي ذلك اليوم (يوم الشيشة العالمي) كُسر فيها ما لا نحصي من الجراك والشيش .ثم يردف أبا المقداد : فألقينا الليات من أيدينا بعد سماعنا تلك القصة من الشيخ , وأخذنا نتحسس رقابنا ثم بكينا بكاء شديداً , وأمسكنا بصلعة الشيخ ولثمناها , ومرغنا لحيته بوجوهنا , ونحن نصرخ : استغفر لنا يا أبتاه , فمسح على صدورنا , فأخذتنا رجفة ورعدة وتصببنا عرقا , فقال: لا عليكم هذا عدو الله ( خُنيس) شيطان المعسل , يخرج من أجسادكم , فما هي إلا برهة حتى بدء نور الإيمان يشع من على وجوهنا , فقال لنا : اذهبوا إلى حمام كذا وكذا فاغتسلوا من أدرانكم واستبدلوا ثيابكم ووافوني في (خِواني) .يقول أبا المقداد : فخرجت تلك الليلة أمشي وأحس بخفة في جسدي غريبة حتى ظننت أنني أكاد أطير, فتوصلت إلى نظرية فيزيائية لم يسبقني بها أحد من العالمين , جنهم وأنسهم , حيث اكتشفت أن هناك تلازماً ما بين قانون الجاذبية والمعصية , فالمعاصي هي التي تجذبك إلى الأرض , وكلما تخففت منها قل وزنك , حتى أنني بعد أن طورت هذه النظرية فيزيائياَ وشرحتها لأحد مشائخي ( تخصص قراءات تخصص دقيق قراءة ورش عن نافع) قال لي : اكتمها ولا تفشها فإن الموساد يتصيدون مثل تلك النظريات ويخطفون أصحابها من علماء المسلمين , وقد يكون لك في علم الفيزياء , شأن عظيم قال أبا المقداد : وها أنا ذا .فواصلت مسيري , وكأنني ملاك أسير على الأرض ,وحمدت الله على أن أنقذني من شؤم المعصية, وتحسرت على عمري الضائع في التيه , وتذكرت أنشودةً لأم كلثوم قالتها عند توبتها من الغناء ( عمري ضايع ...ضايع يحسبوه إزاي عليّ) الشرح: تقول رحمها الله : إن عمري السابق الذي أمضيته في المعاصي والمجون والملاهي , ما هو إلا عمر ضائع فيأيتها الملائكة لا تحسبوه عليّ من عمري, فإن عمري الحقيقي هو الذي ابتدأ عند هدايتي وتحجبي , والله تعالى أعلم .فوافينا الشيخ عند (خِوانه) ودخلنا عليه فقال : عليكم بصُفَّـةِ (إزالة الأدران) فخلعنا ملابسنا , ودخلنا تلك الصُفَّـة التي أشبه ما تكون بغرفة (نتف الخِرَق في إخراج العَرَق ) تعريب (السونا ) وقد عُلق فيه (ترمومتر) يقيس نسبة إشعاع المعاصي في الجسد , حيث أن النسبة المقبولة (عالمياً) حتى يكون الشخص ملتزماً (11.8) فما أن دخلت حتى اشتغلت المكائن بأمر الله , فوصلت نسبة الإشعاع (المنكري) إلى (73.88) وهي نسبة (فاسق جداً) .يقول أبالمقداد : وبعد أن امتص الجهاز ما بجسمي من سموم محرمة , ووصلت إلى النسبة المقبولة شرعاً ,جاءت المرحلة الثانية وهي مرحلة ( استمطار اللحية ) وهي عبارة عن بخار مشبع بمادة (النرتوجين) حيث يحفز خلايا اللحية , فتتدفق الشُعيرات في غضون سويعات , حتى يصل إلى الكثافة المطلوبة شرعاً من أجل اكتمال اللوك الشرعي , ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة ( القنطرة ) حيث أدخلت رأسي في كوة يقال لها (كوة الفورمات ) تقوم بعمل (فورمات) لكل ما في الدماغ من داتا , وتعيد الجمجمة إلى حالها قبل الضلال , نقية صافية كما أنزلت ( شد بلادها كما يقول أهل الصنعة ) .فدخل علينا الشيخ ودعا لنا بالثبات ثم قال : سنوزعكم على الأخوة لعل الله أن ينفع بكم كي تشاركوا أخوانكم في الدعوة إلى الله , فنظر إلى صاحبي وقال له : حدثني يا بني عن صنيعك في الجاهلية , فقال صاحبي : كنت كاتباً في جريدة (عكاظ) في زاوية اسمها ( الجهات الخمس ) أتحدث فيها عن القضايا الاجتماعية وقد تحدثت يوماً عن المراكز الصيفية والجمعيات الخيرية فامسك الشيخ بلحيته وقال : أعوذ بالله من غضب الله , ما دمت تتحدث عن تلك الأمور فلا أخالك إلا علماني سابق , نسأل الله لك الثبات , فقال صاحبي وكان اسمه خالد : والله الظاهر يا شيخ أني كنت علماني أو لعلي كنت ليبرالياً لا أدري , إلا أنني كنت أحس بضيقة في صدري , وغمة سوداء في وجهي , وارتفاع في ضغط الدم مصحوب بشيء من الإسهال فقال الشيخ بتعجب : وهل تحس بخفقان في فؤادك عند سماعك الآذان وتورم في الحالب ؟ فقال الشاب خالد : نعم يا شيخ هو ذاك , فأمسك الشيخ لحيته المتسربلة إلى سرته وقال : إنه داء العلمنة والعياذ بالله ثم قال الشيخ : لعلك تكون في لجنة الرصد والمتابعة في مكتب الدعوة تلاحق لنا أبناء جنسك السابقين وترفع لنا بما يكتبون. ثم التفت إلىّ فرأى جسماً مفتولاً مُخرنقاً ( من الخُرُنق) فسألني عن سيرتي فأخبرته بأني حديث عهد بسجن في قضية مخدرات (تخصص دقيق حبوب وحشيش) فهمهم لُحيظات ثم قال : يا بُني لقد كنيتك أبا المقداد , وقلدتك لواء الحسبة , فاذهب بكتابي هذا إلى (أبي عكرمة بن غيث ) وأقرأه السلام وأخبره أن يلحقك بكتيبة ( أبابيل الحسبة ) وهي التي توازي ( الصاعقة) .ثم التفت إلى ثالثنا , وكان شاباً وسيماً صغيراً , فعض الشيخ على شفته السفلى ثم قال : أما أنت يا بُني فقد اصطفيتك لنفسي , تقوم على خاصة أمري فاحتسب ذلك عند الله .
يتبع الأربعاء القادم ...
كتب أصله بخط يده المباركة : شيخ مشائخ صامطه وما حولها / الأمام مساعد البقمي حفظه الله وسدده
( أثاب الله من أعان على نشرها )

هرشات صحوية: الجزء الثاني

عندما سمع المشائخ أبو القعقاع البطحاوي يصرخ بأعلى صوته : أنْ امسكوا عن الجَلد حتى توقف صرير الخيزران، عندها قال أبا ابو القعقاع حفظه الله : يبدو أننا قد وهمنا فصاحبنا المُبلغُ عنه ليس هذا الشاب وإنما شابٌ آخر انسل دون أن نراه فالحمد لله أولاً وأخراً وظاهراً وبطاناً.

قال ابو القعقاع : الحمد لله على كل حال، فهذا الشاب أيضا لا يخلو من (قروب) منكرات تجيز تعزيره، من لبس بنطال واقتناء بُراق الجُحفة ( تعريب بلوتوث) وترنمه ببعض الأغاني، عدا المنكرات العقدية التي لم تظهر بعد، وكما تعلمون فنحن معاشر المحتسبة من المحسنين وما على المحسنين من سبيل، اجتهدنا فأخطأنا، فعملنا دائرٌ بين الأجر والأجرين.

ثم التفت ليّ ذلك الشاب وقال: والله يا شيخ مساعد إني حزنت أيما حُزناني لأنني أشغلتهم وعطلتهم عن عملهم، فانشغلوا بي عن ملاحقة المنكرات، فاعتذرتُ لهم. فقال لي أبا جندل : لا عليك يا أخي فنحن رجال الحسبة شموعٌ تحترق لتضيء للآخرين. ثم أطرق اطراقة ملائكية ونشج وهو يقول : يا بُني دعونا نعمل بصمت، كررها ثلاثاً.

ثم أدخلوني غرفة يقال لها (صُفّةُ الوعظ) فيها ما لا عين رأت, ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، من الأشرطة السمعية، والأفلام الجهادية، والكتيبات الدينية, فقرأت وسمعت وشاهدت ووالله ما خرجت، وفي قلبي مثقال ذرة من بدعة، أو منكر، حتى أنني يا شيخ مساعد بدأت أشم رائحة عَـرَقي مسكاً، وسمعت هاتفاً يهتف من جهة خرسان، يصيح بأعلى صوته: وأيمُ الله لقد فزتَ يا غلام، كررها
عشراً.

ولما خرجت من الصُفّة، قابلني أبا جندل وفي يده ملابس بيضاء وشيء من سدر، فقال لي : دونك هذه الملابس فاذهب إلى بيت الخلاء واجلي عنك دَرُنُك واغتسل بماء وسدر، واخلع عنك ملابسك المدنسة بعَرَق المعاصي، فدخلتُ بيت الخلاء، وما أن سمعوا تقاطر المياه, حتى طفقوا يكبرون، ويهللون, ثم خرجت إليهم فاحتضنوني وسألوا الله لي الثبات.

ثم انخرطت في عدة دورات تأهيلية للمسلمين الجُدد، كان أحدها دورة (أحكام الإتكيت) تعلمنا فيها تكنيك الإلتزام ابتداءً من لبس الشماغ، ومروراً بالمشي، وطريقة دعك اللحية، وهرشها وانتهاءً بتمعر ( الخِشَّة) والتحكم بعضلات الوجه عند مجابهة المنكرات، او مقابلة الفُساق، وهي ما تسمى بنظرية (التمعُر) وهي نظرية صعبة إلا على من سهلها الله عليه. وكان المشرف على هذه الدورة الشيخ الوسيم أو كما اصطلح على تسميته ( رامي الصحوة) الشيخ محمد العريفي حفظه الله. أما دورة (كيف تكون أحمقاَ في ساعة) فألقاها إمام المغفلين في هذا الزمان ذي السعبولتين، الشيخ سليمان الخراشي بالتناوب مع تلميذه إبراهيم الشهري (ابو لجين إبراهيم).

أما دورة (وخز الجاموس في إعداد الجاسوس) فألقاها علينا أبا براطم حُجّةُ الله ( أكاي) وقد استفدنا منه حفظه الله بحكم تخصصه في هذا الفن وعلمنا أحكام كتابة التقارير، وكافة الأعمال الخاصة بالجاسوس المسلم، مع أن بعضنا كان يتأذى من شخيره، حيث كان يتنفس شخيراً لا يقطعه إلا بغرس سبابته في أنفه بين وصلة وأخرى، حتى أنه في أحد المرات قاطعه أحد الزملاء حديثي العهد بأغاني قائلاً : أتق الله يا أكاي، اتق الله،حسبك شخيراً، حسبك شخيراً، فقال له : ما لك يا بني؟ قال : شخيرك بدأ يتحول إلى معزوفة شبيهة بأغنية ما جنة- والعياذ بالله - فقال له : أصادقٌ أنت يا بني؟ قال : نعم، فقد تطابقت نغمات شخيرك مع السلم الموسيقي لأغنية ( بوس الواوا ) التي تعرفها جيداً هداك الله، فأمسِك عليك شخيرك، واشدد عليك براطمك، ولا تُضِعْ جهادك وتقاريرك، بارك الله فيك، فقال أكاي وهو يقبض على لحيته، جُزيت خيراً يا بني، ثم لم نرى أثراً لذلك الفتى بعد تلك الواقعة، فلم نعلم ما صنعت تقارير (أكاي) به.

وبعدها انخرطتُ مع الإخوة في طلب العلم والجهاد في طلبه وتحصيله والدعوة وملاحقة العلمانيين. ثم تنهد الغُلام نَهْدَةً ظننت أن روحه قد خرجت من أذنيه و قال: ثم حدث ما كنت أخشاه- يا شيخ مساعد - منذ أن فكرت بالالتزام وهجران المعاصي فقلتُ
له: هيه يا غلام هيه ( أي تحدث بطلاقة) فقال:
ففي زمن الغفوة والضلال، زينت لي نفسي -الأمارة بالسوء - أن أزيل شعر لحيتي بالليزر، بحيث يقضي على أصلها وفصلها من لغاليغها في الدماغ، ومنذ تلك العملية وأنا ملقي بالأمواس، فلا ينبت لي شعرٌ في ذقني، وبعد التزامي بدأت لحيتي تؤرقني، وأنا أرى أخوتي في الله يهرشون ولا أهرش، ويمشطون ولا أمشط، ويدعكون ولا أدعك، كما أنني أرى تمعُر بعضهم في وجهي عندما يرونني؛ فالوكُ لوكُ الصالحين, والذقنُ ذقنُ الفُسَّاق الزائغين، فكنتُ استعيض بالهرش الهوائي، (قيل وما الهرش الهوائي قال : أن يمرر الأمرد يده على ذقنه
ذهاباً وأياباً مقبلاً بها ومدبر) حيث أمرر يدي على ذقني, وأخلل الشعر الهوائي، وادعك ذقني بدهن العود،إلا أن النظرات بدأت تتكالب عليّ، حتى أصبحتُمطوع درجة ثانية، لا يقيمون بي رأساً، ولا يسندون لي أمراً، وما يوم المحكمة بسر فقلت له: وما يوم المحكمة يا غلام، قال: اتصل عليّ ذات صباح الشيخ سليمان الخراشي وقال لي: أشدد عليك ثيابك ولا تصلين الضحى إلا في المحكمة الكبرى فحاولت أن استفسر فقال كلمته الشهيرة: لا تسل يا غُلام ...

أملاه الفقير إلى عفو ربه :
مساعد البقمي
صامطه

هَرَشاتٌ صحوية (الحلقة الأولى)

الحمد لله الذي خلق الشَعْـرَ وجعله للدين إمارة، وجعل (الخراشي) للحُمْقِ منارة، وقيَّض( بن بريك) ليكون غُصة في حلق رواد السفارة، وله الحمد سبحانه عَدَدَ ما نشق( ناصر العمر) وعَطَسْ، و له الحمد عَدَدَ ما سَعْبَـل (بن هبدان) وفي أعماق البلاهة غَطَسْ .

ثم أما بعد... عباد الله ...

فبينما أنا منكب في مراجعة كتاب (أحكام الشَعْـر في الإسلام) لتلميذي غير النجيب سليمان الخراشي- شفاه الله ورفع الله عنه حمقه وجفف سُعبولته- فإذا بطارق على باب مكتبتي، يلح بالطرق والصراخ، وقد علا نحيبه، واشتد صُراخهُ، فصحتُ بحاجبي أن أذن له، فولج فإذا بغلام قد لبس شماغاً على وسط رأسه، وظهرت طاقيته، ومقدمة شعر رأسه، وثوبه إلى نصف ساقة، ومسواكه في جيبه، وقد سوَّر معصمه بساعة العصر، فإذا به قد أكمل ( لوك) الصالحين، الملتزمين، عدا أن ذقنه قد أصبح يباباًَ، لا شَعْرة فيه، ولا شُعيْرة. فسلـَّم عليَّ ولثم رأسي بقبلة صحوية لا بأس بها، ثم جلس وأطرق اطراقة طلبة العلم. وبعد السؤال عن الحال، وبعد أن دارسته شيء من النكت الفقهية، والفوائد العلمية لأزيل عنه وجله وهلعه ثم قلت له: يا بني هل لك من حاجة؟

فأمَـرَ يده على ذقنه الخليَّة من الشَعْـر، وأخذ يُخلِلها بأصابعه، وكأنه يتحسس شعراً (هوائياً) ليفعل ما نفعله (نحن) معاشر العلماء، عندما يحتد النقاش. فإننا نهرعُ إلى لحانا نُمزقها بالتخليل، والحك وهو ما يعرف بنظرية (الهَرْش) من هَرَشَ الحمار قفاه إذ حكه بحافره، ومنه قول المثل المشهور: (هرشةٌ ولا سدلانٌ لها) ومنه اقتبس الفيديو كليب الشهير: (زيديني هرشاً زيديني). ونظرية الهرش تؤكد الإعجاز العلمي للقرأن والسنة – كما أكد عليه غير ما مرة الشيخ (زغلول النجار) حيث اكتشف العلماء أن تحت كل شَعْرَة خلية جذعية متصلة بشكل مباشر بالدماغ، إذا ما هُرشت تلك الخلية، فإنها تزيد من تدفق كريات الدم الحمراء إلى الدماغ، مما يزيد الذكاء. لذا نجد أن الملتحين أشد ذكاءً من غيرهم، ولدينا مثالٌ صارخ على دقة هذه النظرية، وهو شيخنا ( العُتل) (موسى آل عبد العزيز) فقارنه يا رعاك الديان مع بل غيتس لترى عظمة القرأن .

وبعد أن هدأت أسارير الغلام قال بصوت رخيم :
كنتُ يا شيخ من الشباب المُعرض عن الله استمع الأغاني والعب البليستيشن (نرد هذا الزمان) وأشاهد الكليبات وشيء من المسلسلات حتى وصل الأمر بي أن توقفت عن تكفير (تركي الحمد) وكنت أرى والعياذ بالله صحة قرار القصيبي فيما يتعلق بالسماح للنساء ببيع الملابس الداخلية للنساء - مع أني كنت متحفظاً على بيع الكلاسين دون الستينانات- حتى قيّض الله لي رجال الحسبة فقبضوا عليَّ ذات ليلة وأنا انتظر دوري في أحد المطاعم في أحد الأسواق فإذا بشيخ لطيف، قد بسط الله له في جسده بسطة وخصوصاً في يديه، فقد تورمت أصابعه من الطاعة حتى أصبح أحدها كطوبة منصوبة، فإذا بالشيخ يقترب مني، ويجذبني بكل لطف وحنان من مؤخرة قميصي، حتى تمزقتْ أزراره ويسحبني أمام رواد المطعم والسوق، بكل ما أوتي من رقة آخاذة، وهو يشوص فاه بالسواك، لم أتجرأ أن أتفوه بكلمة واحدة له وسط هذا الجو المفعم بالحنية، ثم وصل إلى الدابة المباركة (سيارة الهيئة) ففتح الباب الخلفي وحملني بيد واحدة ورماني داخل الدابة، حتى أنني ارتطمت بالمرتبة الخلفية ليس من قوة دفع فضيلة الشيخ وإنما لأنني لم أتمسك بالشكل الجيد، وقبل أن يغلق الباب سَوَّل لي الشيطان سوء عملي، وخانتني عقيدتي الهشة هشاشة جمجمة (ابو لجين إبراهيم) فقلت له : يا شيخ بارك الله فيك عسى ما شر؟ فتعبَّس وجهه وتبسَّم تبسم المُغْضَبْ ورفع يده ونكأني نكأة قد يسميها بعض المغرضين (صفعة) لكنها- معاذ الله- كانت نكأة لطيفة كالنسمة الشاردة، وكان لخدي الشرف العظيم، أن يلامس تلك الأصابع الرقيقة المسبحة بحمد الله، التي لا تختلف كثيرة عن أنامل نانسي عجرم، عليها من الله ما تستحق .

وبعد تلك (النكأة المباركة) لم أفق إلا وهم يسكبون عليَّ دلواً من الماء، فصحوت من نومتي (وليس من غيبوبتي كما أوردتها بعض الصحف المغرضة على رجال الحسبة - معاذ الله-) فإذا بالشيخ حفظه الله ومجموعة من المشائخ يحيطون بي، وشعر رأسي متناثرٌ على بنطالي وقميصي فقد حلقوا شعري مجاناً بلا مقابل على قلة مواردهم وشح إمكانياتهم. وما أن رأيت تلك الوجوه النيرة حتى سبَّحتُ الله حيث شعرت ٍأنني في غابة من (اللحى) ودهن العود يعبق بالمكان وقد علقت على الجدران شيء من العصي أو ما تسمى بالخيزران ( لزوم الديكور ليس إلا) فصرخ أحدهم في وجهي صرخة جميلة وكأنني استمع إلى اليسا في أبهى تجلياتها وأردف :
أو نانسي عجرم (قالها بعد أن سمع نحنحتي المباركة) وقال لي ذلك الشيخ المهيب : أعترف

فبدأ الشيطان يحاول صرفي وإغوائي من أجل أن أسأل عن أي شيء اعترف به فضلا عن أن أنكر ما يتهموني به، لكنني تذكرت تلك (النكأة المباركة) فقاومتُ الشيطان الرجيم، لكن لساني سبق بمزحة سمجة، فقلت: (اعترف لك إني فعلا ما عرفتك.... ولا قدرت أوصل مع قلبي لحل ولا فهمتك...). وعينك ما تشوف إلا النور يا شيخ مساعد فأخذ كل منهم بخيزرانه من التي كانت معلقة للزينة وصرخ أحدهم قائلاً: بَعَدْ... وتغني لأم كلثوم يا خبيث فصرخ ابو جندل المرسلاتي (نسبة إلى المرسلات) قائلاً : لا نجوتُ إن نجى هذا السفيه، فتوالت علي السياط كأجمل مساج شعرتُ به، في حياتي فضننت أنهم غضبوا لأنني سقت أغنية لأم كلثوم –المصرية- وهذا يتعارض مع (أجندة الإصلاح النابع من الداخل) فقلت لهم: يا جماعة تراكم فاهمين غلط، هذي أغنية لمحمد عبده وهو سعودي وهو صاحب أغنية (فوق هام السحب إن كنت ثرى) وبدأت أترنم بها وكأنني أقول أحدٌ... أحد.

ومع كل ترنيمه تزداد حنية السياط إلى أن شملتني كرامة مشائخ الهيئة فأخذتني (نعسة) وليس إغماءة والعياذ بالله وإنما تعسيلة وأفقتُ على صوت أبو القعقاع البطحاوي (نسبة إلى البطحاء) وهو يصيح: حسبك يا شيخ ... حسبك يا شيخ ... يبدو والله أعلم بأننا وهمنا، عندها توقفت معزوفة السياط ....
يتبع في الحلقة القادمة ...
أملاه: سماحة السيد شيخ صامطة وما حولها العلامة :
مساعد البقمي – صامطة