11 أكتوبر 2008

(كفاحي) حكاية محتسب -الجزء الأول

أبو المقداد الزيلعي (وهو بطن من بطون خُزَاعة) الاسم الفني لأحد أسود الحسبة , وحصنٌ من حصون الفضيلة , في بلاد الحرمين , أسر بعد عملية جهادية (نوعية) في غزوة مباركة , أطلق عليها الاسم الحركي ( ما بَعْدَ بَعْدَ صقليه) وجرت في حي (الدخل المحدود ) وأسفرت تلك الغزوة عن مقتل أحد المقبوض عليهم , بعد أن أوسعه (هزبر بني زيلع) ضرباً بيده حتى خلع عينه من لغاليغها , غيرةً لدين الله ولمحارم المسلمين , وقد جُرح في تلك ( الطلعة ) بعض رجال الحسبة , ولا زال أخانا أبا المقداد أسيراً نسأل الله أن يفرج عنه , ولبلائه البلاء الحسن في تلك الغزوة ,سميت تلك السرية باسمه ( سرية أبي المقداد الزيلعي الخزاعي ) .وأبا المقداد – واسمه الحقيقي (طَلَقْ بن معيض ) حكاية كفاح وأسطورة من الأساطير, مَن الله عليه بالهداية و الانعتاق من ظلمات الفسق والفجور , إلى رحاب الإيمان والصحوة والجهاد , يحكي لنا قصة عودته إلى الله , في كتابه الجديد (كفاحي) ( تحت الطبع) فيقول :" لما خرجتُ من السجن , بعد انتهاء فترة عقوبتي بترويج المخدرات , أخذت أبحث عن رفقاء السوء السابقين , فذهبت إلى وكرهم في أحد مقاهي المعسل, فإذا بهم قد تجمعوا تغشاهم المعصية , وتضللهم سحائب الفجور , والعياذ بالله , فجلسنا وما منا إلا مُشَيْشٌ أو مُعَسل , ولم نفق من سكرة المعصية , إلا على طرقات خفيفة على باب الوكر, وإذا بصوت رخيم يقرأنا السلام , فرددنا عليه بعنف وقلنا : ما لذي جاء بك الساعة ؟ فأطل برأسه من خلال الباب , فإذا بكومة من الشعر في جوفها شفتان , فقال : أتسمحون لي بهُنيئة إخوتي في الله ؟ فقلنا إليك عنا أيها الجُرذ القذر , فأخذنا نرميه بالحجارة , وهو يقول : اللهم أغفر لهم فإنهم لا يعلمون , فجلس قريبٌ منا , فتعجبنا أن حجارتنا لا تصل إليه , بل ترتد علينا , فما أن رأى الدهشة تعلو وجوهنا قال : لا عليكم إنه أحد الملائكة يقال له (منجنيق) متخصص في الدفاع عن الدعاة إلى الله , فأخذ يتكلم ويحدثنا ويخوفنا بالله , فأخذنا نغلق آذاننا ونصرف وجوهنا عنه , من دمامة في وجهه , فما هي إلا لحيظات حتى مسخ الله وجهه في أعيننا وجه هيفاء وهبي , فأشرقت أساريرنا فبدأنا نستمع إليه , حيث كان يتحدث عن ( تكنيك الاستجمار) فما أن فرغ حتى قال :يا أبنائي سأحكي لكم قصة ( حقيقية ) لعل الله أن ينفع بها , حيث كنتُ ذات ليلة من ليالي الله المباركة , أزور ميتاً في أحد المقابر فوجدت رائحة معسل تفاحتين , تفوح من المكان فتعجبت ؛ فالمكان (مقبرة) والرائحة رائحة (الشلال) التي أعرفها حق المعرفة , فقلت في نفسي : لعله أحد العمال يلوذ في هذا المكان يؤذي الأموات بهذا الرجس , فأخذت أتتبع الرائحة , فإذا هي تنبعث من أحد القبور ثم سمعتُ صراخاَ متقطعاً يصدر من القبر , فاتصلت بأحد المشائخ , وحكيت له ما رأيت واستفتيته بأن يجيز لي نبش القبر فقال لي : إذا كان في سبيل الدعوة إلى الله ففعل ولا حرج إنشاء الله , فطفقت انبش ذلك القبر فإذا بشاب من أعماركم , وقد التف حول رقبته ( لي ) معسل , طوله سبعون ذراعاً في السماء, وبجانبه كائن غريب فما أن برقت فيه فإذا هو صاحبنا الشجاع الأقرع (ما غيره ) له بضع وسبعون ذيلاً وقد مُسخ على شكل ( شيشة كبيرة) وله فحيح يسمع على بعد ثلاثٌ وسبعون فرسخاً , وأخذ ينهش صاحب الجثة من شفتيه , ثم نظر إلي الشجاع الأقرع وقال : هلك المشيشون .... هلك المشيشون ... هلك المشيشون , قال الشيخ : ولا أعلم هل قال المشيشون أم المعسلون ... ثم أكمل الشيخ حكايته فقال : فسألت عن ذلك الشاب فقيل لي إنه كان يدخن , وفي أحيان يعسل , وقد نوى يوماً أن يجرنك , فانتشرت تلك الحكاية , حتى سمي ذلك اليوم (يوم الشيشة العالمي) كُسر فيها ما لا نحصي من الجراك والشيش .ثم يردف أبا المقداد : فألقينا الليات من أيدينا بعد سماعنا تلك القصة من الشيخ , وأخذنا نتحسس رقابنا ثم بكينا بكاء شديداً , وأمسكنا بصلعة الشيخ ولثمناها , ومرغنا لحيته بوجوهنا , ونحن نصرخ : استغفر لنا يا أبتاه , فمسح على صدورنا , فأخذتنا رجفة ورعدة وتصببنا عرقا , فقال: لا عليكم هذا عدو الله ( خُنيس) شيطان المعسل , يخرج من أجسادكم , فما هي إلا برهة حتى بدء نور الإيمان يشع من على وجوهنا , فقال لنا : اذهبوا إلى حمام كذا وكذا فاغتسلوا من أدرانكم واستبدلوا ثيابكم ووافوني في (خِواني) .يقول أبا المقداد : فخرجت تلك الليلة أمشي وأحس بخفة في جسدي غريبة حتى ظننت أنني أكاد أطير, فتوصلت إلى نظرية فيزيائية لم يسبقني بها أحد من العالمين , جنهم وأنسهم , حيث اكتشفت أن هناك تلازماً ما بين قانون الجاذبية والمعصية , فالمعاصي هي التي تجذبك إلى الأرض , وكلما تخففت منها قل وزنك , حتى أنني بعد أن طورت هذه النظرية فيزيائياَ وشرحتها لأحد مشائخي ( تخصص قراءات تخصص دقيق قراءة ورش عن نافع) قال لي : اكتمها ولا تفشها فإن الموساد يتصيدون مثل تلك النظريات ويخطفون أصحابها من علماء المسلمين , وقد يكون لك في علم الفيزياء , شأن عظيم قال أبا المقداد : وها أنا ذا .فواصلت مسيري , وكأنني ملاك أسير على الأرض ,وحمدت الله على أن أنقذني من شؤم المعصية, وتحسرت على عمري الضائع في التيه , وتذكرت أنشودةً لأم كلثوم قالتها عند توبتها من الغناء ( عمري ضايع ...ضايع يحسبوه إزاي عليّ) الشرح: تقول رحمها الله : إن عمري السابق الذي أمضيته في المعاصي والمجون والملاهي , ما هو إلا عمر ضائع فيأيتها الملائكة لا تحسبوه عليّ من عمري, فإن عمري الحقيقي هو الذي ابتدأ عند هدايتي وتحجبي , والله تعالى أعلم .فوافينا الشيخ عند (خِوانه) ودخلنا عليه فقال : عليكم بصُفَّـةِ (إزالة الأدران) فخلعنا ملابسنا , ودخلنا تلك الصُفَّـة التي أشبه ما تكون بغرفة (نتف الخِرَق في إخراج العَرَق ) تعريب (السونا ) وقد عُلق فيه (ترمومتر) يقيس نسبة إشعاع المعاصي في الجسد , حيث أن النسبة المقبولة (عالمياً) حتى يكون الشخص ملتزماً (11.8) فما أن دخلت حتى اشتغلت المكائن بأمر الله , فوصلت نسبة الإشعاع (المنكري) إلى (73.88) وهي نسبة (فاسق جداً) .يقول أبالمقداد : وبعد أن امتص الجهاز ما بجسمي من سموم محرمة , ووصلت إلى النسبة المقبولة شرعاً ,جاءت المرحلة الثانية وهي مرحلة ( استمطار اللحية ) وهي عبارة عن بخار مشبع بمادة (النرتوجين) حيث يحفز خلايا اللحية , فتتدفق الشُعيرات في غضون سويعات , حتى يصل إلى الكثافة المطلوبة شرعاً من أجل اكتمال اللوك الشرعي , ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة ( القنطرة ) حيث أدخلت رأسي في كوة يقال لها (كوة الفورمات ) تقوم بعمل (فورمات) لكل ما في الدماغ من داتا , وتعيد الجمجمة إلى حالها قبل الضلال , نقية صافية كما أنزلت ( شد بلادها كما يقول أهل الصنعة ) .فدخل علينا الشيخ ودعا لنا بالثبات ثم قال : سنوزعكم على الأخوة لعل الله أن ينفع بكم كي تشاركوا أخوانكم في الدعوة إلى الله , فنظر إلى صاحبي وقال له : حدثني يا بني عن صنيعك في الجاهلية , فقال صاحبي : كنت كاتباً في جريدة (عكاظ) في زاوية اسمها ( الجهات الخمس ) أتحدث فيها عن القضايا الاجتماعية وقد تحدثت يوماً عن المراكز الصيفية والجمعيات الخيرية فامسك الشيخ بلحيته وقال : أعوذ بالله من غضب الله , ما دمت تتحدث عن تلك الأمور فلا أخالك إلا علماني سابق , نسأل الله لك الثبات , فقال صاحبي وكان اسمه خالد : والله الظاهر يا شيخ أني كنت علماني أو لعلي كنت ليبرالياً لا أدري , إلا أنني كنت أحس بضيقة في صدري , وغمة سوداء في وجهي , وارتفاع في ضغط الدم مصحوب بشيء من الإسهال فقال الشيخ بتعجب : وهل تحس بخفقان في فؤادك عند سماعك الآذان وتورم في الحالب ؟ فقال الشاب خالد : نعم يا شيخ هو ذاك , فأمسك الشيخ لحيته المتسربلة إلى سرته وقال : إنه داء العلمنة والعياذ بالله ثم قال الشيخ : لعلك تكون في لجنة الرصد والمتابعة في مكتب الدعوة تلاحق لنا أبناء جنسك السابقين وترفع لنا بما يكتبون. ثم التفت إلىّ فرأى جسماً مفتولاً مُخرنقاً ( من الخُرُنق) فسألني عن سيرتي فأخبرته بأني حديث عهد بسجن في قضية مخدرات (تخصص دقيق حبوب وحشيش) فهمهم لُحيظات ثم قال : يا بُني لقد كنيتك أبا المقداد , وقلدتك لواء الحسبة , فاذهب بكتابي هذا إلى (أبي عكرمة بن غيث ) وأقرأه السلام وأخبره أن يلحقك بكتيبة ( أبابيل الحسبة ) وهي التي توازي ( الصاعقة) .ثم التفت إلى ثالثنا , وكان شاباً وسيماً صغيراً , فعض الشيخ على شفته السفلى ثم قال : أما أنت يا بُني فقد اصطفيتك لنفسي , تقوم على خاصة أمري فاحتسب ذلك عند الله .
يتبع الأربعاء القادم ...
كتب أصله بخط يده المباركة : شيخ مشائخ صامطه وما حولها / الأمام مساعد البقمي حفظه الله وسدده
( أثاب الله من أعان على نشرها )

ليست هناك تعليقات: