07 أكتوبر 2008

أوراق من مفكرتي ..قصة نكاحي وطلاقي

الحَمْدُ لله عَدَدَ ما سُجِنَ من علماني و جُلِدْ
و الحَمْدُ لله عَدَدَ ما قُمع ليبرالي ومن روح الله طرد
و الحَمْدُ لله عَدَدَ ما هَلَكَ من بني علمان وولد
والصلاة على فاضح الشرذمة المتأمركين , وعلى الصحابة الذين ذادوا عن حياض الدين ,
وعلى الآل والصحب والتابعين.
أما بعد
أختي في الله :
أحيَّيك بتحية الإسلام الخالدة ؛ سلامُ الله عليك وعلى أهل بيتك ورحمة الله وبركاته .
فلا يخفاك أخيَّة ما فتأ علمانيوا هذا الزمان , وأذنابهم , جواري كانوا أو غلماناً , من مهاجمة الخِمَار و عباية أهل الحديث , وحجاب العِفَّة , وقفازي الحياء , ويروجون أنها تُعيق من تمتع الجارية بملذات الحياة , من سفر بريء ومتعة طفولية , فلم أجد إلا أن أبوحَ بسِرٍ ظللت احتفظ فيه لنفسي طوال ما مضى من السنين , إلا أن الحَرَجَ الشرعي ظل يؤرقني حتى قررت أن أبوح به نصحاً للأمة مع أنه يذكرني بذكريات جميلة هي اعز سنين حياتي .
كنتُ - أيتها الأخوات - في مُقْتَبَلِ عمري - زهاء الرابعة عشر - عندما تقدم لي احد كبار طلبة العلم في صامطة يدعى / الشيخ مساعد البقمي وكان خريج احد المعاهد الفنية ( قسم ميكانيكا سيارات تخصص دقيق "فني طرمبات ) وكان بارعاً في العلم , ويقرض الشعر , وله اهتمامٌ بالأدب , وكذلك هو مُعَبِرَ رؤى , كما أنَّه كان وقتها ممتهن إلقاء الأناشيد الإسلامية في المراكز الصيفية , كان جذاباً ذا صوت شجي كأحسن ما يكون من نسمات يوليو الساخنة وكان ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) كأنه فلقة قمر سبحان الخالق فيما خلق , كان حديث النساء في (صامطة ) وما جاورها , ومضرب أمثالهن في الحسن والجمال , حتى اشتهر المثل المشهور( الله يرزقك أجمل من مساعد ) [ يقال للحامل التي على وشك الولادة , دعوة لها بأن تُرزق غلاماً بارع الجمال ].
تقدم لي ذلك الشيخ الوقور ذائع الصيت وقد تزامن خطبته لي مع تقدم اثنين من صغار تلاميذه لخطبتي أيضا( بن زُقيل والمُسْتَخْرِشْ بأمر الله) لكن آليت الرأس على القدمين , مع أن فيهما مسوح من قبح وضآلة في العقل .
وفي ليلة الزفاف كنت أفكر ملياً وأنا أتصور الشيخ مساعد البقمي بجلالة قدره بعلا لي , وكنتُ أتسأل : هل يا ترى هي حسناتي عُجِلَتْ لي في الدنيا ؟ أم هو استدراج ؟ لم أكن أتصور أن يطلق عليّ : حصه الهاجري حَرَمْ القامع بأمر الله الشيخ مساعد البقمي!!
وبعد أن تم زواجي بالشيخ مساعد - حفظه الله - طلب مني أن أختار إلى أي بلد أريد أن أسافر ؟ فاخترتُ جزر المالديف , فحزمنا حقائبنا , ويممنا قُبَاَلَة تلك الجزر النائية لقضاء ( ساعةً من عُسَيْلَة )" تعريب شهر العسل" وقد تعاهدنا أن نجعلها رحلة دعوية , نُبَلِّغ فيها دين الله , و لا تشغلنا (العُسَيْلة) ومشتقاتها عن ذلك , فتزودنا بخير الزاد ؛ مجموعةَ من أشرطة مشائخ هذه البلاد , وشيء من كتيبات , ونحوه .

بدأنا من الطائرة , وقررنا ( أسْلمة ) الرحلة , فعزلنا النساء في جانب والرجال في جانب, فتصديتُ لمخاطبة النساء , وانبرى بعلي لمناصحة الرجال , وكان أغلب من على متن الطائرة قصدوا تلك الديار لقضاء (ساعةً من عُسَيْلَة) فوجدت أن أحسن دَرْسٍ هو إلقاء خُطْبَةٍ عن جهنم بزمهريرها ولهيبها وعناكبها وثعابينها والشجاع الأقرع وضمة القبر ومنكر ونكير , وقد لاقى درسي رواجا منقطع النظير, وعلا النحيب وتعالى النشيب وصياح الأطفال , ولله الحمد والمنة .
أما بَعْلي فعقد درساً عن أحكام الطلاق وعيوب النكاح (من رتق وفتق وناسور وباسور وخلافه) وخصوصاً وأنها عيوب تظهر مع أول ليلة بعد خلوة , وبما أن الراجح من أقوال أهل العلم أن المعقود عليه في عقد النكاح هو الفرج , كان لزاماً على الشيخ مساعد - سلمه الله - أن يُبَيَّن تلك الأمور الدقيقة , حتى لا يقع احدهم في التدليس , وبما أن اكتشاف شيء من تلك العيوب قد يؤدي إلى الطلاق , فكان من الأنسب تبيان أحكام الطلاق أيضا .
وعقدنا ألوية أسميناها (ألوية الفاروق رضي الله عنه ) لإزالة المنكرات في الطائرة , و أول ما بدأنا به تلك المضيفات اللاتي حسرنا عن سيقانهن وأخرجن شيء من نهودهن , فوزعنا عليهن بطانيات الطائرة , وألزمناهنَّ بارتدائها أثناء التجوال في الطائرة , ومنعناهنَّ من ضيافة الرجال كما منع الشيخ الرجال من (التعتيب ) على النساء , وهنا أتممنا (أسلمة ) الرحلة وسيطرنا على الوضع , بعد أن استبدلنا الإذاعة الداخلية للطائرة بنشيد :
حطينُ يا أملي ويا أمالي **** حطين يا علماً على الأوطانِ
وبعد أن وصلنا إلى المطار , أستقبلنا أتوبيس حملنا إلى المنتجع المعد لإقامتنا , ومنذ خروجنا من المطار وحتى عودتنا إلى ديارنا ونحن نحمل في ذهابنا وإيابنا ( مُبَدِدٌ النجاسة ) وهو عبارة عن رشاش فيه مضخة في داخلها ماء مخلوط بسدر ومرقي فيه من قبل كبار الرقاة في ( صامطة) فكان هذا السائل وهو يتطاير في الأثير يُبَدِدُ نجاسة المعصية ( حيث أننا كنا ولازلنا نعتقد أن المنكرات نجسة بذواتها ويمكن ان تتجسد في كنه محسوس) ويمتص تلوث المنكرات المهددة لثقب الأوزون , وكم رأينا - يا أخواتي في الله - العُصَاة وهم يتمايلون عندما يلامسهم ذلك السائل العجيب , وقد اسلم منهم -بفضل ذلك السائل - ما لا نحصي , والله الحمد والمنة , حتى أن احدهم كان أعمى وما أن تغشاه شيء من نفحات ذلك السائل العجيب حتى انطلق مبصرا , ولله الحمد أولا وأخرا , حتى أنه يشفي من داء الحمق كما ذكر ذلك الشيخ محمد العريفي حفظه الله في سرده لقصة هدايته , وأن ذلك السائل كان القنطرة له بين عالم الحمق والبلاهة إلى فساحة الحكمة والعلم وكله بأمر الله .
كانت أياماً من أيام الله لازالت كلمات الشيخ تدندن في أذني وهو يناديني " يا جاريتي" وأنا في قمة السعادة لهذا الوصف المتعالي في الرومانسية
[ عطين ماء يا جارية ]
[ هل غسلتي جواربي يا جارية ]
[ عليك لعائن الله يا جارية ألم ينتهي الغداء]
يقطع العشق وسنينه
كنا نترنم بالأناشيد فكان دائما يردد :
زلزل زلزل جنود العِدا *** جيش الباطل دمر وزلزل
اهتف بهم ونادي **** هل من منازل **** جيش الباطل دمر زلزل
وأنا كنت اردد دائما وبحكم أنني أنثى : خندقي قبري وقبري خندقي *** وزنادي صامت لم ينطق
فمتى ينطق رشاشي متى *** لهباً يصبغ وجه الشفق
ومتى أخلع قيداً هدني *** وثياباً نسجت من قلق كانت الأجواء في منتهى الرومانسية والجمال.
حتى أن الأجواء الروحانية كانت مدعاة للابتكار , فالشيخ انفتحت قريحته للابتكار فاخترع بضع وعشرون اختراعاَ لازالت مخطوطة منها : (المعيار الشرعي لقياس درجة الهوى) حيث يوضع (المِشَكْ ) تحت أذن المُكلف ويعطي إشارة دقيقة عن مستوى الهوى , وهل أن ذلك المكلف متبع للهوى أم هو يتبع الدليل فمن 1-5 يعتبر الحاصل عليها (طالب حق ) وما فوقها يعتبر متبع الهوى , ويوصي الاختراع بالتعزير المناسب له , من جلد وضرب بالجريد والنعال .
كنا نقضي الكثير من الوقت في البكاء الجماعي تكفيراً لبعض المعاصي وكان السياح الأجانب يقولون لنا : كيف تبكون في هذه البقعة من العالم وأنت في شهر العسل ؟ وكم كنا نحمد لله على فهمهم السقيم , وأعراضهم عن الحياة الآخرة ,كيف لا وهم لم ينالوا أثَرَةً من علم . كان برنامجنا اليومي في المنتجع كالتالي :
الاستيقاظ قبيل الفجر للتهجد ومن ثم أداء صلاة الفجر جماعة في الجناح
ثم المكوث في المصلى حتى طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح , بعدها نؤدي ركعتي الضحى
ثم تناول الحليب والكعك المجفف
بعدها يلقي الشيخ درس في شرح كتاب "اللالكائي " في العقيدة فصل في : هل اثبت السلف لله ظفراً , ومناقشة (الكلابية) في ذلك , وكنا مُصرين على بثه على كل الغرف , بدلاً من الموسيقى التي يزعمون زوراً أنها تهدأ الأعصاب , فأي أعصاب هذه التي لا تهدأ إلا بالمعاصي والآثام وكيف لا تهدأ بالعلم والعرفان ؟ .
ثم وقت حر إلى الساعة العاشرة
من العاشرة وحتى الثانية عشر ظهرا درس تحفيظ قرأن
وبعد صلاة العصر مسابقة ثقافية
المغرب ننتشر في الفندق للإنكار على من ينوي تعاطي المسكرات , وتذكيره بالله وكان معنا مُسَجْل قد وضعنا فيه شريط (هادم اللذات) للشيخ عبدالله الرسي , وتركناه يصدع في جنبات الفندق .
بعد صلاة العشاء خصصناه للتجول على البحر والسباحة في الماء

نعم سباحة ... مع وجود جماهير السياح من الجنسين ودون أن نتنازل عن عقيدتنا قيد أنمله .
سباحة بلا ( الكواشف الجلية عن السوءة المخفية ) [ اختصار للمايوه ]
هكذا يكون الإبداع في ابتكار الحلول الإسلامية من اجل الاستمتاع بمتع هذه الحياة
ابتكر الشيخ حفظه الله ( وكان آنذاك في بداية مرحلة الطلب في اسلمه التكنلوجيا) (جلباب الاستحمام الالكتروني) وهو عبارة عن جِلْباب صقيل فضفاف , فيه دوائر نحاسية دائرية الشكل قابلة للثني أفقيا او رأسيا (مرنة في الانثناء) مهمتها الأساسية هي أنها تمنع التصاق الجلباب على المواضع المثيرة من جسد الجارية , بحيث تصبح كأنها في (برميل بترومين) وهناك فتحات مما يلي اليدين تخرج منها الجارية كفيها المحجبات بالقفازين , من أجل إعلاء دين الله في هذه الأرض المعرضة عن الله .
وكنت ارتدي جلباب الاستحمام الالكتروني والبس فوقه عباية أهل الحديث ( العباية السعودية ) واستمتع بالسباحة دون أن أتنازل عن عقيدتي ومبادئي .
كما أن تلك الدوائر النحاسية مجهزة بجهاز ينبه الجارية عن اقتراب أي جسم غريب من غير محارمها , ويبدأ الجلباب فوراً بالآذان بلا ترجيع .
حتى الشيخ مساعد كان يسبح وهو ( مُتَلَطْمٌ ) بشماغه حتى لا يفتن نساء بني الأصفر
أما السينما فلا يمكن إلا أن نؤصل مشاهدتها شرعاً حتى لا نتهم بالغلو والتشدد - حاشنا ذلك - فكنا نحضر السينما وقد لبس كل واحد منا نظارة سوداء تحجب عنه الهواء فضلا عن رؤية ما يحدث في الفلم , أم الأذن فسدناها بسماعة تحجبك عن هذا الكوكب وأصواته.. وإذا قالوا لنا دخلتم سينما قلنا دخلنا سينما!!!
وفي أحد الأيام وأثناء درس الفقه احتدم النقاش بيني وبين الشيخ حول مسألة فقهية دقيقة في (الخُنْثَى المُشْكِلْ ) , حيث كان الشيخ - هداه الله - يرى أن (الخُنْثَى المُشْكِلْ ) إذا جاءها الطَمَثْ فإنها تغتسل بعد أن تحسب ستة أيام أو سبعة , ومن ثم تصوم وتصلي , بينما كنت أرى أنه لا يجوز للخنثى المشكل أن تصلي أو تصوم ما لم ترى الطهر , وتقاس في ذلك على الأنثى وكنت أقول له : كيف يسعك ياشيخ ان تجتهد وهذا النص أمامك حيث يقول أبي يعلى الحنبلي الحراني ( من أعمال خرسان ) ( ... وأن رأى خنثى مشكل دم سيال يخرج من مكانه المعهود فلا يغتسل حتى يرى طهرا وأن دام دهرا )؟؟؟ فلا اجتهاد مع النص .!!!
علا الصياح وارتفعت الأصوات , وكلمه منه وكلمه مني حتى وصل الوضع إلى حد الغليان , وقال لي : مصدقة نفسك يا مايا نصري ؟ فرددت عليه : على بالك يا وائل كفوري .
وحبة حبة حتى اتفقنا على الطلاق بإحسان , فقد تركته لله استجابة للمقولة الشهيرة (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه) مع أنني إلى الآن لا زلت عزباء وقد بلغت سن اليأس , لكن لا زلت انتظر هذا ( الخير) , وعندما سألت احد طالبات العلم قالت لي : ليس من الضروري أن يكون هذا الخير هو رجل أحسن من زوجك السابق , بل قد يتجسد هذا الخير بوضعية معينة , فحالك الآن خير من حالك لو مزقك قطار يسير بسرعة 400 كيلو متر في الساعة مثلا , وحالك الآن قطعاً ستكون أفضل من لو أن (سحلية ) عدت من على وجهك فتحولتي بقدرة الله إلى ( بُرعي )وهكذا دواليك , عندها رأيت كم أن العلم بحر ومهما ضننا أننا بلغنا منتهاه فإذا نحن لا زلنا في ساحله .
أما زوجي السابق - حفظه الله - فقد كانت مخالفته في تلك المسألة الفقهية بداية الانحراف بالنسبة له , حتى روي لي أنه بدأ يفتي بجواز أن تُخْرِجَ المرآة (براطمها) للطبيب أعاذنا الله من الحور بعد الكور ,
كَتبته , وراجعته , وأصلته , وخرَّجت أحاديثه : الشيخه حصه الهاجري - الصرار
نُشر بتاريخ 14-6-2004م بمنتدى دار الندوة
أجاز النص شرعاً الشيخ مساعد البقمي

ليست هناك تعليقات: